أسطورة أوديب الملك من الأساطير اليونانية التي داع صيتها في كل بقاع
العالم، وتعد من أشهر المآسي التي تم تألفها من طرف كاتبها هوميروس، وتعد تحفة
أدبية بامتياز في الأدب التمثيلي الإغريقي القديم، ويعتبر سوفوكل أو سوفوكليس كما
يحلوا للبعض مناداته، المؤلف والكاتب الحقيقي لهذه الأسطورة التي شغلت معظم النقاد
والأدباء، ولا تزال تثير الجدل إلى يومنا هذا.
تعود أحداث القصة الأسطورية لمدينة طيبة، وتحكي بأن ملكا يدعى لايوس
كان يحكم هذه المدينة، تم طرده منها، فلجأ إلى ملك مدينة طنطالة، مر زمن، فعاد
الملك لايوس إلى مدينته طيبة بعد أن اختطف ابن الملك الذي استضافه وأحسن إليه، لم
يتقبل الابن المخطوف الأمر، مما حدا به إلى الانتحار.
حكم الملك لايوس مدينة طيبة بقبضة من حديد زمنا، إلى أن تقدم للزواج
من جوكاست، أقام الملك حفلا راقيا بفخامته، مرت الأيام والشهور، والملك ينتظر قدوم
الإبن الذي سيرث عرش مملكته، لكن تأخر مقدمه كثيرا، هذا الأمر دفع الملك لايوس إلى
التوجه لمعبد دلفي وهو معبد يوناني في العصور السالفة، يستطلعون منه النبوءات
ويستفسرون منه عن المستقبل، أخبره عراف المعبد بأن نتيجة فعلته مع ابن ملك طنطالة
الذي مات منتحرا، ستحل بأسرة لبداكوس وذريته لعنة كبيرة، والتي ينحدر منها
الملك لايوس، كما أخبره بأنه سينجب ولدا ذكرا، سوف يقتل أباه وسيتزوج من أمه،
إنزعج الملك لايوس كثيرا من هذه النبوءة، وبالفعل هذا ما تم، رزق الملك لايوس
وجوكاست بولد، خشي الملك لايوس من المصير المنتظر، لذا أملى عليه بعض العرافين بأن
يتخلص من الرضيع لتفادي النبوءة المشؤومة، عمد لايوس إلى ابنه المزداد حديثا، قام
بخرق قدميه وربطهما بإحكام حتى أصابهما التورم، (من هنا جاءت تسميته بأوديب والتي
تعني متورم القدمين)، تم نادى الملك على خادم له، ليحمله إلى الجبال، وأمره
بالتخلص منه، رق قلب الخادم للطفل الرضيع ولم تطاوعه نفسه على قتله، لذا سلمه إلى
راع وجده يرعى الأغنام في أدغال بعيدة عن مدينة طيبة، هذا الأخير حمله معه، وقدمه
لملك مدينة كورنثا وزوجته، والذين لم يرزقا بولد.
شب الصبي وكبر في رحاب قصر مدينة كورنثا، ولما بلغ أشده
تناهى إلى سمعه، بأنه ليس الابن الشرعي لوالديه، بل هو فقط طفل متبنى،
رحل أوديب لكي يستقصي الأمر، لهذا قصد معبد دلفي، هناك أخبره الكاهن بأنه
سيقتل أباه وسيتزوج من أمه، ظن الفتى أوديب أن الأمر يتعلق بوالديه بالتبني، ولكي
يتفادى مقتل والده، امتنع عن العودة إلى مدينة كورنثا، بل قصد وجهة مدينة طيبة
هربا من النبوءة المشؤومة.
وبينما هو في طريقه صادف موكبا ملكيا بمفترق طرق، كان حاكم مدينة طيبة
ووالده الحقيقي، والذي خرج باحثا عن حل للعنة التي أصابته وأصابت المدينة، إذ حل
بها وحش في صورة أبو الهول (وحش له جسد الأسد ورأس إمرأة)، يسأل الناس لغزا، ومن
لم يستطع حله، يكون مصيره الموت المحتوم.
الفتى أوديب لم يتعرف على والده، وكيف لا وقد تربى عنه بعيدا، أمرته
حاشية الملك لايوس بالتنحي كي يمر الموكب، لكن الفتى لم يقبل بهذا، فتشاجر مع
الحاشية وقتل الملك (والده الحقيقي)، بعدها أكمل طريقه نحو مدينة طيبة، لما دنا
منها قابل الوحش أبو الهول، والذي كان شامخا بمدخلها، طرح عليه الوحش سؤالا عن
الكائن الذي يمشي في الصباح على أربع، وفي الظهيرة على اثنين، وفي المساء على
ثلاث، كان جواب أوديب هو الإنسان معللا جوابه بأن الرضيع يحبو على يديه ورجليه فهي
أربع، ثم يصير شابا يافعا يمشي على قدميه، فهي بذلك اثنان، بعدها يهرم ويصبح شيخا
يعتمد على عصاه فهو بذاك ثلاث، إنهار الوحش أبو الهول لسماعه الإجابة الصحيحة،
وألقى بنفسه على صخرة فمات.
إستقبل سكان طيبة أوديب استقبال الفاتحين الأبطال، وكيف لا وقد خلصهم
من الوحش أبو الهول، عمت الإحتفالات أرجاء مدينة طيبة، وتزامنا مع هذه الإحتفالات،
تناهى إلى علم الناس نبأ وفاة الملك لايوس، لذا قرروا تنصيب أوديب ملكا عليهم
وزوجوه أرملته السيدة جوكاست، وهكذا تحققت نبوءة كاهن معبد دلفي، من دون أن
يعلم الحقيقة لا أوديب ولا السيدة جوكاست والدته الحقيقية ولا عامة الناس.
عم السلام والعيش الكريم مدينة طبية زمنا طويلا، كما عاش أوديب مع
زوجته حياة هادئة يملأها الحب والوئام، كان تمرة زواجه أربعة أولاد، ولدين وبنتين.
ذات يوم، دب مرض الطاعون في المدينة، حصد أرواحا كثيرة، وأهلك الحرث
والنسل، لذا أشارت الساكنة على الملك كي يستفسر معبد دلفي عن أسباب تفشي الطاعون
المميت، إستحسن أوديب الرأي وتوجه نحو المعبد، أخبره الكاهن بأن سبب اللعنة هو
وجود قاتل الملك لايوس بمدينة طيبة، ويجب الأخذ بالثأر كي تختفي اللعنة، أخد أوديب
على نفسه عاتق البحث عن القاتل، بعد التحريات، تبين أن زوجته كان لها ولد قد تخلصت
منه بأمر من الملك لايوس، أفضى الأمر في النهاية بأوديب إلى العثور على الراعي
الذي استلم الطفل، أكد هذا الأخير بأنه قدمه لملك كورنثا، كما أخبره الراعي بأن
الولد كانت له علامة تورم في قدميه، بعد كل هذه المعطيات، أدرك أوديب بأنه الشخص
المقصود، وهو المجرم الحقيقي قاتل والده.
أما والدته السيدة جوكاست، لم تتقبل الأمر بتاتا، وقالت أنها حصلت على
ولد من الولد وزوج من الزوج، دفعتها هذه الحقيقة المرة إلى الانتحار.
أما صدمة أوديب نفسه، كانت قوية ولم يستطع تحملها، هام على
وجهه، وفقأ عيناه الإثنتان بيده، لأنه لم يتمكن من إدراك الحقيقة عندما كانت
نصب عينيه، كما قيل بأنه غادر مدينة طيبة يتكأ على ذراع ابنته التي تدعى أونتغون.
أرجو أن تنال القصة إعجابكم
الاستماع للقصة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق