مواقف وطرائف مع الحجاج بن يوسف الثقفي

http://hikayalak.blogspot.cl




كلنا سمعنا عن الحجاج بن يوسف الثقفي، فهو شخصية بارزة في التاريخ الإسلامي، وقد تبوأ مكانة متميزة ودون اسمه بين صناع التاريخ بفضل موهبته الفذة في القيادة والإدارة.


وعلى قدر شهرته كأعظم قائد عسكري، كانت شهرة ما نسب إليه من ذم، حتى عده كثير من المؤرخين صورة مجسدة للظلم والطغيان، وقد ارتبط اسمه بمعنى التجبر والاستبداد، وضاعت أعماله الجليلة بين ركام الروايات التي حكت فقط تعطشه للدماء، وقد قيل في ظلمه شعر كثير حتى لقب بالمبير، وقليل من المؤرخين من أنصف الحجاج بن يوسف ورد له ما يستحقه من تقدير، وإنصافا منا للتاريخ، فللحجاج بما له وما عليه فضائل وحسنات لكنها غمرت في بحر ذنوبه كما قيل، ونذكر من بينها تنقيطه للقرآن الكريم وتقسيمه إلى أجزاء وأنصاف وأرباع، وتعريبه للدواوين وصكه للدينار العربي، وانتشار الإسلام بفضل فتوحاته حتى بلغ بلاد السند والهند، كما وحد بلاد المسلمين بعد انقسامها إلى دول ودويلات.




في هذا الفيديو سنتطرق إلى بعض المواقف والطرائف التي ميزت مسيرته كأعظم قائد عربي.




ذات يوم أمر الحجاج بن يوسف اثنين من غلمانه أن يمثلا بين يديه، وأمر كل واحد منهما أن يهجو صاحبه بأبيات شعرية، وكان أحدهما أسود البشرة أما الآخر فكان أبيضها.


فقال صاحب البشرة السوداء


ألم تر أن المسك لا شيء مثله

وأن بياض اللفت حمل بدرهم

وأن سواد العين لا شك نورها

وأن بياض العين لا شيء فاعلم





فرد عليه صاحب البشرة البيضاء بأبيات شعرية أيضا قائلا:


ألم تر أن البدر لا شيء مثله 

وأن سواد الفحم حمل بدرهم

وأن رجال الله بيض وجوههم 

ولا شك أن السواد أهل جهنم





ضحك الحجاج بعد سماعه لهذه الأبيات وأعتق الاثنين معا لاستحسانه لشعرهما.




وفي موقف آخر، يحكى أن الحجاج خرج يوما متنزها، فانفرد بنفسه عن بقية جنده، فالتقى بشيخ من بني عجل فقال له: من أين أيها الشيخ؟


فأجابه: من تلك القرية


قال الحجاح: وفيما خروجك إلى هذا الخلاء وأنت على هذه الحال!


أجاب الشيخ: وما شأنك أنت


قال الحجاج: أسأل عن الديار وأهلها؟


أجاب الشيخ: هم في أبأس حال لما رموا به


قال الحجاج: وما ذاك؟


أجاب الشيخ: ذهب عنهم خير الناس واستبدلوا بشرهم


قال الحجاج: من تقصد؟


أجاب الشيخ: دعني أيها الرجل، فلا طاقة لي بمحادثة عابر في مثل هذا الحر.


قال الحجاج: أسأل عن الحجاج ما رأيك فيه؟


أجاب الشيخ: لعنه الله، فما قدم الحجاز ولا ولي عليها شر منه، قبحه الله وقبح من بعثه (ويقصد بذلك عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي الذي ولاه).


قال الحجاج: أتعرف من أنا أيها العجوز؟


أجاب الشيخ: وما يهمني من أمرك كي أعرف


قال الحجاج: أنا الحجاج بن يوسف الثقفي




ارتعدت فرائص الشيخ وكاد أن يغمى عليه تم قال: أتعرف من أنا يا سمو الأمير؟



أجاب الحجاج: لا



قال الشيخ: أنا مجنون بني عجل، ويأتيني الصرع مرتين في اليوم، ويذهب عقلي وهذه واحدة منها وكانت أشدهم علي.




ضحك الحجاج كثيرا من كلام الشيخ، بعدها مد يده إلى جيبه وأخرج صرة من المال ورماها إليه وقال له: خذها يا مجنون بني عجل، واستعن بها على صرعك وجنونك، وانطلق بفرسه منصرفا بعد أن أحاطت به كتيبته.




وقد عرف عن الحجاج أيضا أنه كان وقافا مع الحق، ويحكى أنه دخل عليه ذات يوم رجل يدعى سليك بن سلكة فقال: أصلح الله الأمير، أعرني سمعك واغضد عني بصرك واكفف عني حسبك، فإن سمعت خطأ أو زللا فدونك العقوبة.


قال الحجاج: قل فأنا أسمع


قال سليك: عصى عاص من عرض العشيرة، فحلق على إسمي، وهدمت داري، وحرمت عطائي، فما ذنبي؟


فقال الحجاج: هيهات، أما سمعت الشاعر يقول:


جانيك من يجني عليك وإنما

تعدي الصحاح مبارك الجرب

ولرب مأخود بذنب عشيرة 

ونجى المقارف صاحب الذنب





قال سليك: أصلح الله الأمير، إني سمعت الله عز وجل يقول غير هذا الكلام


فتنبه الحجاج وقال: وماذا يقول الله عز وجل؟


 أجاب سليك: إن الله عز وجل قال في محكم تنزيله " يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا، فخد أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين، قال معاذ الله أن نأخد إلا من وجدنا متاعنا عنده، إنا إذا لظالمون.

فسكت الحجاج برهة وقال: صدق الله وكذب الشاعر، تم أمر كاتبه أن يرد على الرجل عطائه، وأن يبني له داره، وأن  يفك له عن إسمه، وأن يبعث مناد ينادي صدق الله وكذب الشاعر.




كما أن للحجاج أيضا مواقف كثيرة عن العفو عند المقدرة وهذه القصة تلخص ذلك، ويحكى أن الحجاج بن يوسف أوتي برجلين من أصحاب بن الأشعث بعد أن تم أسرهما، فأمر بضرب عنقيهما، فقال أحدهما: أيها الأمير حنانيك، إن لي عليك يدا (ويقصد بذلك فضلا).


سأل الحجاج: وما ذاك؟


قال: سمعت بن الأشعث يوما يسب أمك فرددت عليه، ودافعت عنها.


قال الحجاج: ومن يشهد لك؟

أجاب: صاحبي هذا

سأل الحجاج صاحبه: أو تشهد أنه فعل هذا؟


قال صاحبه: أشهد أيها الأمير


سأل الحجاج مجددا: ولما لم تفعل أنت مثل فعله؟


أجاب: لبغضي لك


قال الحجاج: أطلقوا سراح الأول لفعله، وأطلقوا سراح الثاني لصدقه وشجاعته.





وهناك العديد من المواقف مع الحجاج بن يوسف الثقفي، سنتطرق لها في فيديو قادم  




أرجو أن تنال القصة إعجابكم



الاستماع للقصة







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق