جريمة قتل في الثانوية راح ضحيتها ثلاثة أشخاص

جريمة قتل في الثانوية


 تخرج خوان منويل كأستاذ في إحدى الثانويات، قضى ما يقارب 20 سنة في مهنة التدريس، خلال بلوغه عقد الخمسين، انتقل إلى ثانوية ثروب بمنطقة كرين فورد ليستكمل مهنته والتي طالما أحبها بجنون.


قبل بداية الموسم الدراسي الجديد، قام الأستاذ خوان مانويل بزيارة لمقر عمله الجديد في الثانوية، حيت التقى ببعض الأساتذة والمشرف على التلاميذ السيد بيدرو غارسيا، كما كان له لقاء خاص مع مدير الثانوية السيد ألفونسو ماوي، وقد تطرق الإثنان لمجموعة من النقاط التي تهم الموسم الدراسي الجديد.


بعد أسبوع فتحت ثانوية ثروب أبوابها في وجه الثلاميذ، إستقبل الأستاذ خوان مانويل فصله الدراسي، والذي يتكون من 20 تلميذا كلهم من الذكور، بحكم التقسيم بين الجنسين الذي تعتمده هذه البلدة، هذه الحصة جعلها الأستاذ ركنا للتعارف بينه وبين ثلامذته الجدد، حيث عرف بنفسه ونبدة عن مشواره التعلمي، كما خصص باقي الوقت لتلامذته، كما حدد لهم الأدوات اللازمة والكتب المدرسية، والتي تشمل ثلاث روايات.


في الأسبوع الثاني، توجه الأستاذ خوان مانويل كعادته إلى قسمه، فتح الباب، وقام بوضع محفظته ذات الطراز الكلاسيكي فوق المنضدة، أثار انتباهه عبارة بارزة على السبورة، فقام في الحال باستخراج نظارتيه السوداوتين، ليفاجأ بالجملة الثالية: أيها العجوز الوغد إرحل، لم يعر الأستاذ خوان مانويل لما كتب أي اهتمام، خاصة أنه جديد في المؤسسة ولربما الكلام غير موجه إليه بتاتا، كما أن القسم يتناوب عليه مجموعة من الأطر والأساتذة كل حسب تخصصه.


في اليوم الموالي، وأثناء إلقائه الدرس، حول إحدى الروايات المندرجة في المقرر الدراسي، إستدار الأستاذ خوان مانويل ليكتب بعض النقاط على السبورة، إذ به يفاجأ بقلم رصاص يرتطم بظهره، توقف الأستاذ عن الكتابة وسأل، من الذي ألقى بقلم الرصاص؟، حنى جل تلامذة الفصل رؤوسهم ولم يجب منهم أحد، بعدها خاطب تلامذته بأن هذا السلوك حيواني ولا يمت للتربية بأي صلة، في هذه اللحظة، قرر الأستاذ إجراء اختبار مدته ربع ساعة حول الرواية التي كان يشرحها، أمر ثلامذته بإزالة الرواية والأدوات من الطاولة ووضع فقط قلم وورقة بيضاء من أجل الإجابة، كتب الأستاذ أسئلته وتوجه للجلوس في مقعده، وبعد انتهاء مدة الاختبار، غادر الفصل.


في المساء تم المنادات على الأستاذ خوان مانويل من طرف مدير الثانوية السيد ألفونسو ماوي، من أجل إخباره بتلقي شكاية من أحد آباء الثلاميذ، الذي أقر بإجراء ابنه اختبار دون أن يعلم بموعده، هنا شرح الأستاذ الوضع وأخبر مديره بأنه سأل تلامذته إن كانوا قرأوا الرواية أم لا، فأجابوا كلهم بالإيجاب، لذا عمدت إلى اختبار بسيط لمعرفة مدى استيعابهم للرواية، هنا أكد المدير بضرورة تحديد آجال الفروض قبل موعدها بأسبوع على الأقل، كي يتسنى للتلاميذ المراجعة والاستعداد.


صبيحة يوم الخميس الموافق لليوم العالمي للأستاذ، والذي تحتفل به جميع المدارس في بلد التشيلي، تفاجأ خوان منويل بدخول تلامذته إلى الفصل قبله، ليقوم تلميذ نيابة عن الآخرين، بتلاوة كلمة في حق الأستاذ بمناسبة هذا اليوم السعيد، تشيد بخصاله الحميدة، وسعيه الدائم من أجل تكوين الناشئة، كما وجد هدية صغيرة عبارة عن صندوق مغلف فوق مكتبه، قام الأستاذ بشكر تلامذته عن حسن صنيعهم، حاثا إياهم على مزيد من الجهد والعطاء، وبعد انتهائه من كلمته عمد إلى فتح الصندوق، تفاجأ الأستاذ خوان منويل مرة أخرى، وعلى الغضب محياه، وأخبر تلامذته بأنه لا يستطيع التدريس لهذا اليوم، بعدها غادر الفصل، وترك الثلاميذ وسط القاعة، كانت الهدية عبارة عن غائط كلاب مرفوق بنفس العبارة السابقة: أيها العجوز الوغد إرحل.


بعد مرور زهاء أربعة أشهر، وبعد تناول وجبة العشاء، استخرج الأستاذ خوان مانويل اختبارات التلاميذ السابقة وقام بمقارنتها مع الكتابة التي وجدها في الهدية، بعد تمحيص دقيق، إستنتج أن الكتابة تعود للتلميذ آدم بريز، والذي لا طالما عرف بسلوكه السيء جدا لذا بعض الأساتذة الذين قاموا بتدريسه، لكن هذه السنة يبدو الأمر أسوء من سابقاتها، لأن الأمر بدأ بتجاوز الخطوط الحمراء.


في اليوم الموالي، قام الأستاذ بالمنادات على التلميذ بشكل انفرادي، أغلق باب الفصل، وأخبره بكامل القصة، حتى كاد أن يصفعه، هنا أخرج الأستاذ أوراق الاختبارات مع الورقة التي تركت داخل الهدية، وقدمها للصبي قصد ملاحظة التطابق الحاصل بين الكتابات، في هذه اللحظة، وفي غفلة من الأستاذ قام التلميذ بخطف الورقة التي كتبت عليها عبارة أيها العجوز الوغد إرحل وغادر الفصل مسرعا نحو مرحاض الثانوية، تقفى الأستاذ خوان مانويل أثر تلميذه، لكن قد فات الأوان، لأن التلميذ قد تخلص من الورقة داخل المرحاض بعد أن سكب الماء عليها، أمسك الأستاذ ذراع التلميذ بعنف محاولا معرفة مكان الورقة، في هذه الأثناء بالذات،دخل السيد بيدرو غارسيا المسؤول عن التلاميذ، ورأى مشهد تعنيف الأستاذ لتلميذه، لم يرقه الأمر كثيرا، وغادر غاضبا مع الصبي، هذا الأخير الذي أخبره بأن الأستاذ فقد عقله، ولا يدري عن أي شيء يتحدث، فيما بعد قام القيم عن التلاميذ بوضع شكاية لذا مدير الثانوية، يخبره فيها بأن تلميذا تعرض من طرف أستاذه للعنف.


فيما بعد ثم استدعاء الأستاذ خوان مانويل مجددا من طرف مدير المؤسسة، والذي كان غاضبا من سلوك الأستاذ والذي تم توثيقه من طرف المسؤول على التلاميذ، هنا أخبر المدير الأستاذ بأنه سيرسل تقريره للجهات الوصية على القطاع، لكون هذا الفعل لا يسمح به وهو أمر مرفوض بتاتا، خاصة من طرف شخص غايته غرس القيم والمبادئ في الناشئة، حاول الأستاذ تبرير موقفه لكن قوبل برفض المدير، الذي اعتبر هذا الفعل مشين جدا. غادر الأستاذ خوان منويل المكتب يملأه حزن شديد صوب إحدى المقاهي، والتي غالبا ما يتردد عليها، طلب من الناذل كأس خمر لعله ينسيه بعضا من معاناته، ولسوء حظ الأستاذ، تزامن وقت احتسائه للشراب مع دخول المشرف على الثلاميذ، ليجده يغرف بفمه من كأس النبيذ، توجه السيد بيدرو غارسيا نحو الأستاذ مخاطبا إياه، هذا كله يبرر تصرفاتك أيها القدوة الحسنة، أنت مدمن خمر، فالحق أقول لك، الحانة تناسبك أكثر من الفصل الدراسي، نهض المشرف من مكانه، وغادر المقهى صوب الثانوية، قام هذا الأخير بتحرير شكاية ثانية حول الأستاذ، تتضمن تعاطيه للكحول وادمانه الشديد عليه، تم إمضاء الشكاية من طرف المدير وتم إرسال نسخة منها إلى الجهات الوصية على القطاع مجددا.


بتوالي الشكايات حول الأستاذ خوان مانويل، في ظرف وجيز، ثم فصله من العمل وحرمانه من ممارسة التدريس من جديد.


إستقبل الأستاذ خوان مانويل خبر فصله كالصاعقة، لم يتمالك أعصابه، خرج مسرعا عائدا إلى بيته، أخرج مسدسا من حقيبته، قام بحشوه بثلاثة رصاصات، وعاد أدراجه باتجاه الثانوية من جديد، عرج على مكتب المدير أولا، قام بإطلاق رصاصة أردته قتيلا، فيما بعد توجه باحثا عن السيد بيدرو غارسيا، الذي كان بركن باحة المؤسسة، تقدم بضع خطوات منه، ودون أن ينطق بكلمة، أخرج مسدسه من جديد وضغط على الزناد، لتستقر رصاصة حية بين عينيه، استدار في الحال مهرولا، باتجاه أحد الفصول الدراسية ليرتكب جريمة ثالثة في حق الثلميذ آدم بريز.


حين غادر التلاميذ القسم مذعورين، عمد إلى السبورة وكتب عبارة شهيرة للفيلسوف البريطاني بيرتراند راسل "إن السبب الأساسي للمشاكل في العالم الحديث، هو أن الحمقى واتقين دائما، أما الأذكياء فهم مليئون بالشك". بعدها مباشرة وجه فوهة مسدسه نحو رأسه، لكن لحسن الحظ، وصلت زميلته في العمل الأستاذة كريستينا ماندوزا، والتي قامت بتهدأته رويدا رويدا، أزالت المسدس من يده بعد أن طمأنته، ليدخل الأستاد خوان مانويل في نوبة من البكاء الشديد.


تم تقديم الأستاذ للعدالة، وحكمت عليه المحكمة ب 25 سنة سجنا نافذا، فيما بعد تم إحالته على مستشفى للأمراض العقلية.




أرجو أن تنال القصة إعجابكم



الاستماع للقصة




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق