الفرار من السجن قصة أمريكية حقيقية

الفرار من السجن قصة حقيقية




سأعرض عليكم اليوم قصة حقيقية، وسأحكي تفاصيلها من منظور الراوي، لذا أعزائي المتتبعين، لا تهتموا كثيرا إن كانت جميع القصص التي أقدمها حقيقية أم لا، لأن الأهم هو أن تستمتعوا بها.

إسمي جيمس تومبسن أمريكي الجنسية، كنت أعمل كمحاسب، اكتسبت تجربة لا يستهان بها في هذا المجال،كما أن سمعتي كانت جيدة لذا زبنائي، في أحد الأيام، عدت متأخرا إلى بيتي، لأجد زوجتي غارقة في بركة من الدماء، أصبت بالذهول لما حل بزوجتي، اتصلت بالشرطة، والتي لم تتأخر في الحضور، قاموا بتمشيط المكان وأخد البصمات، كانت الشكوك تحوم حولي لأنني المشتبه به الأول، كان هذا عاديا جدا،  لأنه في حالات القتل يبدأ التحقيق دوما من المقربين للضحية.


في أحد الأيام، قدمت الشرطة لاعتقالي بتهمة قتل زوجتي، أخبرني الضابط أن كل الدلائل تشير إلى ضلوعي في الجريمة، كما أخبرني بأن الاعتراف سيساعدني في تخفيف مدة الحكم، أصبت بالاستغراب من قوله، صرحت له مجددا أني لم أقتل زوجتي،كيف أقتلها وأنا الذي أحببتها، لم يصدقني أحد، تم تصفيدي وأحلت فيما بعد على سجن سان كوينتن في ولاية كاليفورنيا.


أنتم تعرفون حال السجون الأمريكية، كلها عنف وقتل ومحاولات اغتصاب، عند وصولي لأول مرة إلى بوابة السجن، شعرت حينها بمعنى الحرية، وأيقنت أن مستقبلي سأمضيه في هذا المكان المقرف، بدأت أستعرض شريط حياتي كله، انغمست بعيدا في تفكيري ولم أستفق إلا على صوت أحد حراس السجن يقول " مرحبا بكم في الجحيم يا حثالة المجتمع"، وأتمم كلامه قائلا: بعد دخولكم البوابة، سيقوم مدير السجن بمقابلتكم، وبعدها سندلكم على أرقام غرفكم.


كنا حوالي 50 شخصا في الحافلة، نزلنا منها واتبعنا تعليمات الحراس إلى أن وصلنا إلى إحدى القاعات، كانت فسيحة جدا، هناك طلب منا الانتظار والوقوف، كل واحد منا جنب الآخر، بعد لحظات، قدم مدير السجن، كان عابس الوجه وقوي البنية، كما اتسم بطول القامة، بدون مقدمات خاطبنا قائلا: أرجوا أن يعجبكم المقام عندنا، بدا أنه لا يحب كثرة الكلام بعدها قال: لا سبيل للهروب من هذا الجحيم، لذا أحب الانضباط والتزام الأوامر، وكل مخالف للتعليمات يذق الأمرين ليكون عبرة لغيره، أهذا مفهوم، بعد هذا الخطاب، طلب من أحد الحراس أن يحيلنا على غرفنا.


بعد مرور 5 أشهر، بدأت أتأقلم مع وضعي الجديد داخل السجن، أصبحت الآن جزءا منه، تعرفت على شخص يدعى  جون كورنر، كان كهلا يقرب الستين من عمره، إلا أن وجهه يوحي بأقل من ذلك، كان حاد الذكاء ويعرف كل كبيرة وصغيرة في السجن، كما أن أغلب السجناء يلتجئون لخدماته كلما أرادوا الحصول أو إدخال شيء ما إلى السجن، كأدوات حادة مثلا، أدوية أو حتى المخدرات، لم يكن بالشخص العنيف، إلا أن له حصة الأسد في تدبير الشؤون في ذلك المكان المشئوم، والذي كان كالجحيم كما وصفه مدير السجن.


أما بالنسبة لي، فغالبا ما كنت أحب اعتزال الأشخاص والانزواء في أحد الأركان وحيدا، لأن السجن  ليس بالمكان المناسب لربط العلاقات والتعارف.



بعد أن أتممت السنة، وفي أحد الأيام وبينما أنا جالس لوحدي في الساحة، مر  جون وسألني: يبدو لي أنك من الأشخاص الذين لا يحبون الاختلاط بالناس، أجبت: أنت تعرف جيدا صنف الناس الذين يضمهم السجن، قال جون مجددا: أصبت، ألهذا تحب العزلة والانزواء وحيدا، قلت:ربما، على الأقل تقيني من المشاكل والمشاجرات، بعدها انصرف في حال سبيله مرددا أراك عما قريب.

مرت الأيام والأسابيع، لم أعد أستطيع عدها، وبتكرار لقائاتنا، أصبحت أنا و جون صديقين


في أحد الأيام، طلبت منه إن كان يستطيع أن يسدي لي خدمة، أجابني: نعم وما نوع الخدمة التي ستقوم بطلبها، قلت: أريد الحصول على مطرقة قصيرة الطول وخفيفة الوزن، وصورة من الحجم الكبير للمغني المفضل لدي مايكل جاكسون، اتفقنا على الدفع مسبقا وتسليم الطلب بعد 4 أيام، بالطبع كان بالمقابل، لأن كل الطلبات في السجن تتم بالعملات، لا شيء مجاني على الإطلاق في ذلك العالم.


في مساء اليوم الرابع، حصلت على مستلزماتي، وضعتها تحت ملابسي بعناية فائقة كي لا أثير الشبهات، اتجهت صوب غرفتي، كنت تحت ضغط رهيب عندما مررت قرب الحراس، لكن مرت الأمور بسلام.


مرت 3 سنوات من عمري في السجن، اعتدت الآن على العيش هنا، أصبح المكان حاضري ومستقبلي، ذات مساء ناداني أحد الحراس باسمي جيمس تومبسن مدير السجن يود مقابلتك، تحرك أمامي، خضعت لأمره واتجهنا صوب مكتب المدير.


عند وصولنا، أمرني الحارس بالجلوس والانتظار قليلا، بعد بضع دقائق حضر المدير، اتجه مباشرة نحو مقعده وأمر الحارس بالانصراف وإغلاق الباب ورائه، بعدها خاطبني: علمت انك كنت تعمل محاسبا، أجبته: نعم سيدي، أتمم كلامه قائلا: أود أن أعرض عليك أمرا يمكنك اعتباره بمثابة صفقة لك، أنا أدير أعمالي الشخصية، ويمكنك مساعدتي في هذا المجال، خاصة وأن لك دراية في المحاسبة، وافقت في البداية لتحمسي الشديد للعمل مجددا في تخصصي الذي لطالما أحببته، لكن بعد مرور عدة أسابيع، سرعان ما أدركت أن المدير متورط في أعمال مشبوهة تدر عليه أموالا طائلة، والأسوأ في ذلك أنه أشركني معه في غسيل أمواله القذرة، لم يكن لي أي خيار، كما لم أكن أملك ما أخسره، على أي حال أنا قابع في السجن.


في أحد الأيام التقيت بأحد السجناء، والذي تم نقله حديثا إلى سجننا، يبدو لطيفا، شاب في الثلاثينيات من عمره، وبمرور الزمن أصبحنا صديقين، في إحدى الأمسيات، بدأ يستعرض علي سجل حياته المليء بمحاولات القتل والسرقات، بعدها انتقل للحديث عن زميل له، والذي وصفه بالأكثر دموية منه، كان قاتلا محترفا، أثار انتباهي حديثه الأخير عن إحدى جرائمه، والتي ذكر فيها عنوانا كنت متيقنا من معرفته، أوقفته وسألته: هلا أعدت علي عنوان الجريمة من فضلك، صدمت كثيرا، أمسكت به بقوة شديدة وقلت له: ما اسم ذاك الحقير، وفي أي سجن يقبع، أجابني: اهدأ يا صديقي ماذا حل بك؟ قلت له: إنه قاتل زوجتي وأنا الآن هنا بسببه لأنني اتهمت بما ارتكب.


في مساء اليوم الموالي، طلبت من أحد الحراس  أنني أود مقابلة مدير السجن، أجابني بأسلوب فظ بأن المدير من يطلب مقابلة الأشخاص وليس العكس، كما أنه لا يملك متسعا من الوقت ليضيعه مع المجرمين، هيا غادر المكان، انصرفت في حال سبيلي وقررت الانتظار إلى أن يطلبني هو من أجل أعماله، وهكذا كان، بعد مرور يومان، تم المناداة علي من قبل المدير، دائما وكالعادة  بعد الانتهاء من إنجاز عملي أقوم بحفظ وترتيب الملفات والمستندات داخل علبة مغلقة أقدمها له فيما بعد ، كما أن هذه الأخيرة ملفوفة في غلاف خارجي حيت تبدو وكأنها إحدى كتب التاريخ العريقة، وكان هذا كافيا لإزالة جميع الشبهات عن نوعية العلاقة التي تربطني بمدير السجن. هذه المرة وبعد أن قدمت له العلبة قلت له: سيدي أنا بريء من التهمة التي سجنت بها، ولدي معلومات كافية عن القاتل الحقيقي، هل يمكنني كتابة ملتمس من أجل إعادة فتح قضيتي من أجل التحقيق، سألني المدير: وكيف علمت بذلك، أخبرته بأن شابا يدعى دافيد نقل حديثا إلى السجن، وقاتل زوجتي كان يقاسمه غرفته، سألني مجددا أيملك إتباتا على الجريمة، أجبته: ربما على الأقل حاليا يملك معلومات مهمة يمكن أن تساعد في التحقيق، قال المدير: حسنا سأنظر في الأمر، بعدها هم مغادرا.


بعد عدة أيام لم أعد ألتقي بصديقي دافيد لا أدري لماذا، سألت عنه مطولا، لكن لا أحد قد رآه، وكأن الأرض قد ابتلعته، أحسست بأن مكروها قد حدث له، سرت مجموعة من الأسئلة في ذهني، أتم نقله مجددا إلى سجن آخر أم تم قتله بعد حديثي الأخير عنه مع مدير السجن، على أي، لا أملك جوابا شافيا، بعد كل هذا لجأت إلى صديقي جون وهو من أخبرني بأن آخر مرة شاهده فيها كان برفقة أحد الحراس، خضنا حديثا مطولا، وبعدها سألت جون هل سبق لأحد السجناء أن حاول الفرار من هنا؟ أجاب: نعم، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، لأن السجن مراقب تماما على مدار الساعة، ويحتوي على أنظمة جد متطورة، كما أن المحاولة ستعرضك لشتى أنواع التعذيب، أو ربما ستدفع حياتك ثمنا  لذلك، سألته مجددا: ما رأيك إن تم إعادة تأهيلنا وتم خروجنا من السجن، أيمكننا أن نلتقي؟ أنا سأقصد جزيرة في المكسيك لطالما سحرتني بهدوئها وجمالها، تدعى جزيرة الصخور هناك سأدير أعمالي وسأقضي ما تبقى لي من عمري،  قاطعني جون قائلا: أو ربما هناك احتمال كبير أن ندفن هنا، تملكني الضحك من كلامه، بعدها قلت له: لا تتأخر حين تخرج سأكون في انتظارك، ضحك جون وظن أنني كنت أمازحه.


في صباح اليوم الموالي، دق جرس الاستيقاظ كالعادة على الساعة 07:00  صباحا من أجل وجبة الإفطار، قبل ذلك يجب على كل سجين الوقوف أمام زنزانته، وذلك لتسهيل وتسريع عملية عد السجناء، بعدها نقوم بالتوجه صوب مطعم الوجبات، لكن أحد الحراس لاحظ شيئا غريبا، هناك شخص ما مفقود أمام الزنزانة رقم 7، توجه صوبها كي يفحص المكان، عند وصوله صرخ غاضبا: أيها الأحمق، ألم تسمع رنين الجرس، هيا تحرك، لكن لا مجيب، بعدها قرر الدخول للزنزانة قصد تقصي الأمر، كانت الغرفة جد مرتبة، وكان كل شيء يبدو على ما يرام، لا شيء يثير الدهشة، لكن الغريب في الأمر أن السجين مفقود، دهش الحارس لما رآه، وبعدها نادى على مدير السجن وأمر بإطلاق جرس الإنذار.


لما حضر المدير قام بالسؤال عن السجين الذي يشغل هذه الغرفة، أجاب الحارس بأنه جيمس تومبسن طبعا كنت أنا.


سحب المدير صورة المغني الأمريكي الشهير مايكل جاكسون، والتي كانت معلقة على الحائط، فوجد نفقا طويلا، في الحال فقد المدير أعصابه، ليس فقط بسبب اختفائي، بل بالطبع لأنني أعرف كل كبيرة وصغيرة على أعماله القذرة، والتي كان يحرص أشد الحرص ألا يطلع عليها أحد، أمر جميع حراس السجن بالبحث عني وأن لا يعودوا إلا بعد العثور علي.


في هذه الأثناء، كنت قد ابتعدت كثيرا عن جحيم السجن، لأنني سلكت طريقا جبليا تصعب فيه ملاحقتي، بعد أن استقر بي الأمر، قمت بإرسال جميع الملفات والمستندات إلى الشرطة مقرونة بكل الدلائل والإثباتات حول تورط مدير السجن في أعمال مشبوهة، كما أنني وطيلة خدمتي له، قمت بابتكار شخصية وحساب وهميين من أجل صرف الأرباح بطرق لا تؤدي إلى الشك والارتياب.


بعد فترة تم القبض على مدير السجن بتهمة غسيل الأموال والتملص الضريبي، في حين غادرت أنا الولايات المتحدة الأمريكية نحو المكسيك بجواز سفر مزور كي أبدأ حياتي من جديد.


بعد مرور سنتين من فراري، لحق بي زميلي في السجن جون بعد أن تم تأهيله، وهكذا أشركته معي في تسيير أعمالي،  والتي كونتها بفضل الثروة التي استخرجتها من الحساب الوهمي بعد أن طوي ملف قضيتي.




أرجو أن تنال القصة إعجابكم


الاستماع للقصة









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق